1/21/2011

لا أخوة بين المسلمين والكافرين






 
 لا أخوة بين المسلمين والكافرين ، ولا دين حق غير دين الإسلام .


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
فمع انتشار الدعوة إلى ( حوار الأديان ) من أجل المؤاخاة بين أتباع الديانات السماوية !! ، وما في هذه الدعوة من مصادمة واضحة لنصوص الشرع الحنيف ، كان بيان الحق في هذه المسألة الخطيرة التي ينبني عليها عقيدة ( الولاء والبراء) من الأمور المهمة .
وفي هذا المقال الجليل لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله ورفع قدره في عليين - ردٌ لهذا التلبيس الذي قد ينطلي على بعض الناس
، والمقالة نشرته في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد الرابع ، السنة السابعة في ربيع الآخر سنة 1395هـ .
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد : فقد نشرت صحيفة عكاظ في عددها 3031 الصادر بتاريخ 27 / 1394 هـ خبرا يتعلق بإقامة صلاة الجمعة في مسجد قرطبة , وذكرت فيه أن الاحتفال بذلك يعد تأكيداً لعلاقات الأخوة والمحبة بين أبناء الديانتين الإسلام والمسيحية . انتهى المقصود . كما نشرت صحيفة أخبار العالم الإسلامي في عددها 395 الصادر بتاريخ 29 / 1394 هـ الخبر المذكور وذكرت ما نصه ( ولا شك أن هذا العمل يعتبر تأكيدا
لسماحة الإسلام وأن الدين واحد ) إلى آخره .
ونظراً إلى ما في هذا الكلام من مصادمة الأدلة الشرعية الدالة على أنه لا أخوة ولا محبة بين المسلمين والكافرين , وإنما ذلك بين المسلمين أنفسهم , وأنه لا اتحاد بين الدينين الإسلامي والنصراني , لأن الدين الإسلامي هو الحق الذي يجب على جميع أهل الأرض المكلفين اتباعه , أما النصرانية فكفرٌ وضلالٌ بنص القرآن الكريم , ومن الأدلة على ما ذكرنا قول الله سبحانه في سورة الحجرات : "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ "الآية وقول الله عز وجل في سورة الممتحنة : " قَدْ كَانَتْ
لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " الآية
وقوله سبحانه في سورة المجادلة : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ".
وقوله تعالى في سورة التوبة : " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ " الآية
وقوله سبحانه في سورة المائدة : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
وقوله عزوجل في سورة آل عمران " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ الآية , وقوله تعالى في السورة المذكورة : " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ "
وقوله عزوجل في سورة المائدة
"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ "الآية
وقوله سبحانه في سورة المائدة أيضا : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ " الآية وقوله تعالى في سورة الكهف : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا "
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله ولا يكذبه "الحديث رواه مسلم , ففي هذه الآيات الكريمات
والحديث الشريف وما جاء في معنى ذلك من الآيات والأحاديث ما يدل دلالة ظاهرة على أن الأخوة والمحبة إنما تكون بين المؤمنين أنفسهم .
أما الكفار فيجب بغضهم في الله ومعاداتهم فيه سبحانه , وتحرم موالاتهم وتوليهم حتى يؤمنوا بالله وحده ويدعوا ما هم عليه من الكفر والضلال .كما دلت الآيات الأخيرة على أن الدين الحق هو دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وسائر المرسلين , وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :( نحن معاشر الأنبياء ديننا واحد) رواه البخاري في صحيحه , أما ما سواه من الأديان الأخرى سواء كانت يهودية أو
نصرانية أو غيرهما فكلها باطلة , وما فيها من حق فقد جاءت شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم به أو ما هو أكمل منه , لأنها شريعة كاملة عامة لجميع أهل الأرض , أما ما سواها فشرائع خاصة نسخت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي هي أكمل الشرائع وأعمها وأنفعها للعباد في المعاش والمعاد كما قال الله سبحانه يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم : " وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " الآية
وقد أوجب الله على جميع المكلفين من أهل الأرض اتباعه والتمسك بشرعه , كما قال تعالى في سورة الأعراف بعد ذكر صفة محمد عليه الصلاة والسلام " فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
ثم قال عز وجل بعدها : " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي
وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ونفى الإيمان عن جميع من لم يحكمه , فقال سبحانه في سورة النساء " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "
وحكم على اليهود والنصارى بالكفر والشرك من أجل نسبتهم الولد لله سبحانه , واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عز وجل بقوله تعالى في سورة
التوبة : " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا
أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ "

ولو قيل أن هذا الاحتفال يعتبر تأكيداً لعلاقات التعاون بين أبناء الديانتين فيما ينفع الجميع , لكان ذلك وجيهًا ولا محذور فيه , ولواجب النصح لله ولعباده رأيت التنبيه على ذلك; لكونه من الأمور العظيمة التي قد تلتبس على بعض الناس .
واسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للأخوة الصادقة في الله والمحبة فيه ومن أجله , وأن يهدي أبناء البشرية جميعا للدخول في
دين الله الذي بعث به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم , والتمسك به وتحكيمه ونبذ ما خالفه , لأن في ذلك السعادة الأبدية والنجاة في الدنيا والآخرة , كما أن فيه حل جميع المشاكل في الحاضر والمستقبل أنه جواد كريم , وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 2/173-177).
 
 

 
 
 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق